البحوث الزراعية: أمطار و ثلوج الخير تبشر بموسم زراعي جيد
2/20/2021

أكد مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية الدكتور نزار حداد إن الأمطار الأخيرة، التي هطلت على معظم مناطق المملكة تبشر بموسم زراعي جيد وسيكون له انعكاسا إيجابياً على الموسم والذي عانى من احتباس الأمطار خلال الفترة الماضية.

لافتاً إلى أن معدلات الهطول المطري أحيت الأمل بموسم زراعي جيد وبددت مخاوف المزارعين من نقص مياه الري، و أن هطول الأمطار في مثل هذا الوقت سيحقق فوائدا جمة للمحاصيل الحقلية وخاصة الزراعات المكشوفة والشجرية كالحمضيات والنخيل والمراعي.

الأمر الذي سينعكس إيجاباً على الأعباء المادية الملقاة على عاتق المزارعين من حيث تقنين عمليات الري خلال الأسابيع المقبلة والحد من عمليات الرش والمكافحة، حيث تسهم مياه الأمطار وانخفاض درجات الحرارة بتقليل إصابة المحاصيل بالأمراض والآفات الحشرية، إلى جانب غسيل التربة والتقليل من نسبة الأملاح فيها وتجديد حيويتها، إضافة إلى استدامة نمو المراعي ما سيوفر كلفا كبيرة على مربي الثروة الحيوانية وتخفيض كلف الفاتورة العلفية.

وأشار حداد إلى أن المراكز والمحطات البحثية المنتشرة على إمتداد أرض على استعداد لتقديم الخدمات والتوصيات البحثية من خلال خبراء في العديد من المجالات العلمية والزراعية والتي تخدم القطاع الزراعي بشقية النباتي والحيواني لتحقيق الاستدامة الزراعية والنهوض بالقطاع الزراعي.

بين مساعد مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية لشؤون البحث العلمي الدكتور نعيم مزاهرة أن تأخر امطار وثلوج الخير هذا العام مقارنة بالعامين الماضيين، الا انها جاءت لتحسين وضع المحاصيل الحقلية الإستراتيجية والتي تاخرت فيها مراحل النمو الطبيعية من اسبوعين الى ثلاثة اسابيع نتيجة لتأخر سقوط الامطار في بداية الموسم وانقطاع الأمطار لفترات طويلة خلال شهر شباط كما هو معتاد، لذلك كانت هذه الكميات الجيدة من الامطار مهمة جدا لإنقاذ الموسم المطري والتخفيف من خسائر المزارعين وتعزيز المخزون الرطوبي في قطاع التربة كما انها ستكون مفيدة جدا للاشجار المثمرة والزراعات الصيفية البعلية، اضافة لمساهمتها في تحسين ورفع المخزون المائي من المياه الجوفية والسدود والحفائر.

وأضاف مزاهرة أن المنخفض الجوي القطبي الشديد البرودة والذي جاء بعد فترة انقطاع للامطار والارتفاع غير العادي في درجات الحرارة، تؤكد على ان امطار الخير الغزيرة صاحبها تساقط كثيف للثلوج في كافة المحافظات والذي ساهم مساهمة كبيرة في تدني درجات الحرارة لتصل الى 10 درجات مئوية اقل من المعدل العام في مثل هذا الوقت من السنة عن المعتاد، ةومع توقعات التنبؤات الجوية بتدني درجات الحرارة الى ما دون الصفر المئوي خلال الايام والليالي القادمة وزيادة احتمالية تكون الصقيع في كافة مناطق المملكة وخاصة في مناطق زراعة الخضار في وادي الاردن الذي يمتلك الميزه النسبية لزراعة المحاصيل المختلفة ومنها الصيفة في غير مواسمها الطبيعية مما يجعلها اكثر عرضه للتاثر بدرجات الحرارة المنخفضة وبشكل كبير مقارنة مع المحاصيل الشتوية الاعتيادية التي تمتلك القدرة على تحمل الظروف الجوية الباردة والصقيع.

ومن جهته قال الدكتور سامي عوابده مدير مديرية الثروة الحيوانية في المركز أن هذة الأمطار والثلوج ستعمل على إنعاش وتحسين قطاع الثروة الحيوانية من خلال اطالة عمر المراعي والتخفيف على المربي من تكاليف الأعلاف إضافة الى إطالة عمر فترة الأزهار للنباتات لاتاحة الفرصة للنحل بجني الرحيق وحبوب اللقاح وبالتالي تقوية خلايا المناحل والحصول على انتاج جيد من العسل.

هذا بالاضافة الى ان انخفاض درجات الحرارة يؤدي كذلك الى انخفاض كبير في انتشار الدبور الاحمر والاصفر وخاصة في المناطق التي شهدت خروج مبكرلملكات الدبور لتاسيس اعشاشها وخاصة تلك الاعشاش المبنية في التراب وعلى اغصان الاشجار و في المناطق المكشوفة للامطار والثلوج و المعرضة لبرودة الطقس المباشرة، مشيراً إلى وجوب الابتعاد عن المناطق المنخفضة والوديان تجنبا لتعرض قطعان الماشية للفيضانات بعد ذوبات الثلوج و العمل على تدفئة الحظائر وخاصة المواليد الجديدة وضمان عدم تسرب المياه اليها باي شكل من الاشكال وكذلك تجهيز المناحل بشكل جيد وتضييق مداخل الخلايا للتقليل من تسرب الهواء البارد للداخل وضمان عدم تسرب المياه اليها.

وأشار المهندس هيثم حمدان الباحث في قسم الخضروات في المركز الوطني إلى ان الصقيع يعد من العوامل التي تهدد المحاصيل الزراعية وتسبب أضرار كثيرة، وباستمرار توالي درجة حرارة الهواء بالانخفاض ليلاً إلى أن تصل الى ما دون درجة الندى التي تكون فوق الصفر المئوي (1-6 م°) فإن بخار الماء يتركز على السطوح الباردة على شكل بلورات ثلجية تسمى الصقيع. وله نوعان الصقيع المتحرك يحدث هذا النوع عندما تتقدم جبهة باردة على منطقة ما فينخفض معدل الحرارة كما تقل السعة الحرارية اليومية ويعتبر هذا النوع اشد خطور وذلك لاستمرار هبوب الرياح الباردة، اما النوع الثاني فيسمى بالصقيع الإشعاعي وهو الذي يحدث في الليالي الصافية والهادئة مما ينتج عنه انخفاض نسبة بخار الماء بالجو وهذا يساعد على زيادة إشعاع الأرض ليلاً فتنخفض حرارة سطح التربة والنباتات بسرعة ويزيد من ذلك تدني وسكون سرعة الرياح . ويكون انخفاض الحرارة أكثر حدة خاصة في المناطق المنخفضة والأحواض المغلقة المحاطة بسفوح جبلية وذلك بسبب تحرك الهواء البارد الملامس للسفوح وتجمعه في المنخفضات بفعل كثافته العالية نسبياً. وفي حالات الصقيع الإشعاعي تكون حرارة الهواء الملامس لسطح التربة أخفض من حرارة الهواء على ارتفاع مترين بحوالي من درجتين الى ثلاث درجات مئوية وتظهر على اوراق النباتات بلورات بيضاء جليدية وغالباً ما يحدث هذا النوع من الصقيع في بداية فصل الربيع لذلك يسمى بالصقيع الربيعي وهو أشد خطراً على الاشجار المثمرة من الشتوي بسبب حدوثه في فترة النمو ويترافق موعد حدوث الصقيع الربيعي مع مرحلة الأزهار لهذه الأشجار.

و نظرا لما تسببه هذه الظاهرة السلبية وبشكل متكرر سنويا من خسائر مادية كبيرة على الإقتصاد الوطني عموما، وعلى القطاع الزراعي خصوصاً وضررها المتزايد والذي يمتد أثره وينعكس سلباً على البيئة والوضع الإجتماعي للمزارعين نظرا لصعوبة التنبؤ بها والسيطرة عليها او التقليل من الآثار السلبية لها وخصوصا عند حدوثها.

ونوه حمدان على أن المركز اعتاد على المتابعة الحثيثة لهذه الظاهرة وغيرها ونظراً لوجود الخبرات العلمية المتعددة لدراسة التحديات الطبيعية المعقدة و تقييم آثارها على المحاصيل بعد كل موجة تعصف بها ووضع العديد من التوصيات والحلول العملية للحد منها والتخفيف من اثارها السلبية على المحاصيل الزراعية.

وقال حمدان أن هنالك ثمة من التوصيات والإجراءات و التدابير الوقائية وضعها المركز الوطني للحد من آثار الصقيع وأهمها ضرورة إعادة النظر بشكل جدي بالنمط الزراعي المتبع في وادي الأردن وتجنب او تاخير الزراعة في المناطق الاكثر عرضة للصقيع حيث ينصح بالحد من زراعة منطقة الزور بالخضار ذات الحساسية العالية للصقيع مثل الباذنجان والفلفل والكوسا واستبدالها بزراعة المحاصيل الاكثر تحملا للظروف الجوية الصعبة مثل الملفوف والزهرة والخس والجزر واللفت والفجل والبقدونس والفول والبرسيم والقمح، بالاضافة لانتقاء الأصناف النباتية المناسبة والمتحملة اكثر للبروده.

علاوة على التوسع قي الاعتماد على الزراعات المحمية مثل الزراعة تحت الإنفاق البلاستيكية والزراعة في البيوت البلاستيكية ذات التدفئة الجيدة في وادي الأردن مع اللجوء الى إحكام اغلاقها والتاكد من تثبيها وتغطيتها الجيدة عند التنبؤ بحدوث البرد الشديد والصقيع واختيار النوع المناسب والجيد من البلاستيك المتين والذي يحافظ على الحرارة لفترات أطول والمعامل حراريا بشكل يناسب نمو المحاصيل وتحملها لانخفاض الحرارة الشديد.

إما في الزراعات المكشوفة ينصح بأخذ الاحتياطات مسبقا ومنها اختيار الموقع المناسب واللجوء لاستخدام مصدات رياح حول الحقل إما بزراعة الأشجار او الأسيجة النباتية او الإصطناعية للتقليل والتخفيف من التأثير المباشر للصقيع المتحرك وتوفير الحماية الكافية للمحاصيل.

كذلك من التدابير الوقائية ينصح إستخدام الطرق البيولوجية التي تساهم في زيادة مقاومة النبات للصقيع مثل التبكير في زراعة المحاصيل الأكثر حساسية للصقيع كالبطاطا والكوسا بوقت مناسب لتجنب وضمان نمو والازهار والعقد ونضج المحصول قبل الوقت الذي يتوقع فيه حدوث الصقيع كما يمكن اللجوء الى تأخير موعد الزراعة لوقت يمكن من تجنب الأثر الشديد على المحصول حيث تكون النباتات في مرحلة الانبات و تقل به احتمالية تكون الصقيع او يقلل أثره .

كما يقاوم الصقيع بطرق فيزيائيه متعدده من أهمها: اللجوء للتدفئة والتدخين قدر الامكان، تشغيل مرشات الري او إستخدام نظام الضباب الاصطناعي ، السقاية السطحية، التغطية بالقش، تحريك الهواء وخلط الهواء فوق المحاصيل المختلفة بإستخدام المراوح، وامكانية استعمال المحاليل الرغوية العازلة للحرارة ومصدات الرياح.

وبدوره قال المهندس رائد لطفي رئيس قسم البستنة في المركز الوطني للبحوث الزراعية أنه وعلى الرغم من التاثير السلبي للصقيع وما قد يسببه من تلف للمزروعات إلا ان إنخفاض الحرارة قبل تفتح البراعم سيكون مفيداً للمحاصيل الشجرية وخاصة المتساقطة الأوراق والتي هي بحاجة الى ساعات برودة لإكمال دورة حياتها الطبيعية وخاصة هذا الموسم الاستثنائي الصعب الذي كانت درجات الحرارة فيه مرتفعه وقد لا تكفي لتلبية احتياجاتة من ساعات البرودة (مجموع الساعات التي تقل فيها درجة الحرارة عن ثمانية درجات مئوية خلال الموسم) لبعض المحاصيل هذا من جهه ومن جهه اخرى تعمل تدني درجات الحرارة على التخفيف من اعداد الحشرات وخصوصا الضارة منها مما يقلل الآفات والاصابات الحشرية ومن إستخدام المبيدات الحشرية بشكل ملحوض، وهذا ينعكس إيجاباً على تقليل متبقيات المبيدات في الثمار ويزيد من الفرص التسويقية والميزة التنافسية للمنتج الأردني.

وأضاف لطفي أن أشجار الحمضيات والمحاصيل الاستوائية تعتبر من اكثر أنواع أشجار الفاكهة حساسية للصقيع، لذا ينصح باللجوء لتشغيل نظام الري السطحي حول سيقان الأشجار قبل حدوث الصقيع بقترة كافية وتجنب الإصابات وتاثيرها السلبي.

عدد المشاهدات: 1303